لماذا يُتوقع أن يغادر العمال المهرة كندا قريبًا؟

تُعرف كندا منذ عقود بأنها دولة ترحب بجميع أنواع المهاجرين واللاجئين، حيث تقدم لهم أعلى مستوى من جودة الحياة والاستقرار والازدهار. كما تلعب دورًا رئيسيًا في بناء اقتصاد كندا وسُمعتها كدولة ترحيبية وشاملة.

ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، بدأ المهاجرون المهرة يفكرون في مغادرة كندا، حتى المقيمين الدائمين أيضًا، بعد فترة قصيرة من وصولهم إلى كندا؛ وتسمى هذه الظاهرة “الهجرة إلى الأمام”. لا تؤثر هذه الظاهرة على الاقتصاد الكندي فحسب، بل تؤثر أيضًا على قدرة البلاد على جذب عمال مهرة جدد في المستقبل.

وفي الوقت نفسه، تخطط كندا لتقليص أهداف الهجرة لتوفير حقوق سكنية أفضل وفرص عمل للمهاجرين الحاليين والسكان الأصليين. ولكن ما لم تصل إلى السبب الجذري وراء هجرة المهاجرين، فإنها تواجه بطالة خطيرة وفرص ضائعة على المدى الطويل.

لماذا يُتوقع أن يغادر العمال المهرة كندا قريبًا؟

التغييرات التي طرأت على سياسة الهجرة في كندا

بين عامي 2023 و2024، نما عدد سكان كندا بأسرع معدل له في التاريخ، حيث شهد زيادة لأكثر من مليون شخص في عام واحد فقط. وتدفع التدفقات الكبيرة من المهاجرين والطلاب الدوليين والعمال المؤقتين هذا النمو.

ومع ذلك، دفعت المخاوف بشأن ارتفاع أسعار المساكن وبرامج الرعاية الصحية والخدمات العامة غير المتطورة الحكومة الإتحادية إلى إعادة النظر في سياسة الهجرة الخاصة بها. وعلاوة على ذلك، يُعتقد أن هذا الانخفاض هو الأول منذ 10 سنوات.

يتمثل الهدف الرئيسي لتخفيض أعداد المهاجرين الجدد إلى 500,000 لعام 2024 و395,000 بحلول عام 2025. مما يشير إلى خفض نسبة الهجرة بنسبة 20٪. وهذا يمثل انحرافًا جذريًا عن المحاولات السابقة لزيادة الهجرة إلى كندا لتلبية متطلبات العمالة والموارد البشرية. أثناء تطوير خطط الهجرة المستقبلية، تجاهلت كندا التحدي الرئيسي المتمثل في الاحتفاظ بالكنديين ذوي المهارات الموجودين بشكل حالي. وتُظهر الدراسات أن العديد من هؤلاء الوافدين الجدد، وخاصة أولئك الذين يصلون من خلال برامج الهجرة الاقتصادية، يغادرون كندا في غضون بضع سنوات فقط.

اكتشف ما إذا كنت مؤهلًا للدخول إلى كندا

لماذا يغادر العمال المهرة كندا؟

المهاجرون الذين يغادرون كندا ليسوا من أكثر الناس معاناة. فهم من المهنيين المتعلمين تعليمًا عاليًا، ويتقنون عدة لغات، كما يتم اختيارهم بناءً على قدرتهم على سد النقص في العمالة في المهن المطلوبة. وفيما يلي سنناقش الأسباب الأربعة الرئيسية التي تدفعهم إلى مغادرة كندا:

1. تكاليف السكن وارتفاع تكاليف المعيشة

يعد السكن في كندا أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع المهاجرين المهرة إلى مغادرة كندا. وتعد تورنتو وفانكوفر من المدن التي تواجه أسعارًا مرتفعة للمساكن، مما يجعل من المستحيل على الوافدين الجدد شراء منزل أو توفير المال.

ينتقل العديد من المهاجرين إلى كندا معتقدين أنهم سيحظون بحياة مستقرة في كندا، لكنهم يجدون صعوبة في بناء الثروة، وشراء المساكن، وتحقيق الاستقرار المالي، لذلك يقررون الانتقال إلى البلدان التي تقدم لهم المستقبل الذي يخططون له.

2. نقص العمالة وتحديات المهنة

في معظم الأحيان يستغرق العمال المهرة بعض الوقت للحصول على الاعتراف بالمؤهلات ومتطلبات الترخيص؛ ومع ذلك، فإنهم يتمتعون بدرجات متقدمة وسنوات من الخبرة المهنية. إن تفضيل “خبرة العمل الكندية” يمنعهم غالبًا من تأمين وظائف في مجالاتهم.

بدلًا من ذلك، قد ينتهي الأمر بالعمال المهرة الذين يعملون في وظائف منخفضة الأجر أو غير ذات صلة، غير قادرين على استخدام مهاراتهم بالكامل. هذا التوظيف غير العادل يجعل العمال المهرة يبحثون عن فرص أفضل في أماكن أخرى لاستغلال مهاراتهم.

3. الصراعات مع الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية

يُعرف نظام الرعاية الصحية في كندا بأوقات الانتظار الطويلة، مما يسبب خيبة أمل للمهاجرين. بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في بلدان ذات رعاية صحية أفضل، فإن صعوبة الحصول على الرعاية في الوقت المناسب في كندا يمكن أن تكون محبطة ومرهقة في بعض الأحيان.

4. المنافسة العالمية على المهارات

تتنافس الولايات المتحدة وأستراليا وألمانيا على جذب العمال المهرة لأنها تقدم أجور أكبر. وأيضًا تقدم دعم أفضل للمهاجرين الجدد وتقدم عملية هجرة أسرع. من ناحية أخرى، تتمتع كندا بتكلفة معيشية أعلى وتكاليف عمالة أعلى، مما يجعلها أقل جاذبية للمواهب ذات الخيارات الدولية.

تأثير فقدان العمال المهرة

لا يشكل رحيل المهاجرين من البلاد خسارة شخصية لهؤلاء الأفراد فحسب، بل يؤثر أيضًا على الاقتصاد الكندي، حيث يُعتبرون جزءً أساسيًا من مختلف الصناعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والبناء والتكنولوجيا.

  • الرعاية الصحية: يشكل المهاجرون جزءً كبيرًا من القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية في كندا؛ ويشملون الأطباء والممرضات وغيرهم من المتخصصين في الرعاية الصحية. وفقدان أي عدد منهم يمكن أن يسبب نقصًا حادًا في القوى العاملة الكندية.
  • التعليم ورعاية الأطفال: يعمل العديد من المهاجرين الحاليين في مجالي التعليم ورعاية الأطفال؛ ويواجه هذان القطاعان بالفعل نقصًا في العمالة. ويضع غيابهم ضغوطًا على هذه الخدمات العامة.
  • البناء: يشكل العمال المهاجرون أهمية حيوية لقطاع البناء بسبب شيخوخة السكان في كندا والاحتياجات المتزايدة؛ ولن يؤدي غيابهم إلا إلى تأخير المشاريع وتجاوز التكاليف.

إن المساهمة الاقتصادية للمهاجرين تتجاوز بكثير نقص العمالة. فالمهاجرون يقودون الابتكار ويطلقون الشركات ويساهمون في القاعدة الضريبية في كندا. إن خسارة هؤلاء المهاجرين لن تؤثر على الاقتصاد الكندي لفترة قصيرة فقط، بل ستؤثر أيضًا على الفوائد طويلة الأجل للاقتصاد.

المخاوف العامة بشأن الهجرة

في الماضي، كانت كندا معروفة بدعمها القوي للمهاجرين. ومع ذلك، أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى تزايد مخاوف الكنديين. يعتقد الكنديون اليوم أن كندا تقبل عددًا كبيرًا من المهاجرين، مما يؤثر على حياتهم بطرق مختلفة، مثل الرعاية الصحية المزدحمة، ونقص الإسكان، والمنافسة على الوظائف.

وصلت المخاوف الكندية إلى الحكومة الكندية، مما جعل الحكومة تعيد التفكير في عدد المهاجرين الذين يدخلون كندا، مما انتهى به الأمر إلى تقليل عدد المهاجرين في البلاد، وهو ما يعمل كحل جيد للمخاوف قصيرة الأجل. لكن هذا الحل أيضًا لم يحل مشكلة فقدان العمال المهرة.

ما الذي تستطيع كندا أن تفعله للاحتفاظ بالمهاجرين؟

فيما يلي، سنناقش الاستراتيجيات الخمس الرئيسية التي تستطيع كندا استخدامها للاحتفاظ بالمهاجرين:

1. الإسكان ذا التكلفة المعقولة

يتعين على الحكومات الإتحادية والإقليمية أن تعمل معًا لزيادة المعروض من الإسكان ذا التكلفة المعقولة. إن السياسات الرامية إلى منع عمليات حجز الممتلكات وتشجيع تطوير المساكن بأسعار معقولة يمكن أن تساعد في توفير السكن للمهاجرين.

2. تيسير الاعتراف بالمؤهلات

يجب أن تكون عملية الاعتراف بالدبلومات والدرجات العلمية الأجنبية سريعة وسهلة. وهذا من شأنه أن يساعد المهاجرين المهرة في العثور على عمل في مجالاتهم بسرعة أكبر، والحد من البطالة الخفية والإحباط.

3. تحسين الخدمات العامة

يتعين على كندا أن تستثمر في الرعاية الصحية والتعليم ورعاية الأطفال لتلبية احتياجات سكانها المتزايدين. ومن شأن تحسين الوصول إلى هذه الخدمات أن يحسن نوعية حياة المهاجرين والمواطنين.

4. تعزيز برامج الاستقرار

إن البرامج التي تساعد المهاجرين على بناء الشبكات والتدريب والاستعداد للتوظيف الدائم يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في تجربتهم. إن دعم المهاجرين بعد الجولة الأولى أمر بالغ الأهمية للاحتفاظ بهم.

5. تشجيع الهجرة الإقليمية

أسعار المساكن في المناطق الحضرية والريفية منخفضة، والعمالة باهظة الثمن. وتشجيع المهاجرين على الاستقرار في هذه المناطق من خلال برامج مستهدفة مثل برنامج الهجرة الأطلسية من شأنه أن يساعد في تقليل الضغوط على المدن الكبرى مع دعم الاقتصادات المحلية.

إن كندا تمر بنقطة تحول. ففي حين أن خفض أهداف الهجرة قد يعالج التحديات قصيرة الأجل، فإنه لا يعالج القضايا الأعمق التي تدفع المهاجرين المهرة بعيدًا. إن خسارة هؤلاء الأفراد الموهوبين لا تضر بالاقتصاد فحسب؛ بل إنها تؤدي أيضًا إلى التأثير على سمعة كندا العالمية كوجهة للمواهب المتميزة.

يجب على كندا أن تفعل أكثر من مجرد جذب العمال المهرة؛ بل يجب أن تمنحهم أسبابًا للبقاء. ومن خلال معالجة القدرة على تحمل تكاليف الإسكان، وحواجز التوظيف، والوصول إلى الخدمات، يمكن لكندا أن تخلق بيئة أفضل للمهاجرين للازدهار. إن الاحتفاظ بالقوى العاملة الماهرة أمر بالغ الأهمية لبناء دولة أقوى وأكثر شمولًا وازدهارًا للجميع.

اكتشف ما إذا كنت مؤهلًا للدخول إلى كندا